000-389620771434449603962تستعد الأسر في جازان حالياً كعادتها في كل عام لمقدم شهر رمضان الكريم بشراء الأواني الفخارية التقليدية التي تستخدمها النسوة في صناعة وإعداد المأكولات الشعبية التي تزين موائد الإفطار الجازانية في رمضان.
ومن أهم وأبرز تلك الأواني الفخارية القديمة التي تحرص السيدات على اقتنائها القدر الحجري والمغش والتنور والحيسية والجبنة, والجرة، والمجمر وغيرها من الأواني الفخارية الأصيلة التي تغني ربّات البيوت عن الأواني المنزلية العصرية.
وفي جولة لمراسل “وكالة الأنباء السعودية” على محلات بيع الأواني الفخارية الشعبية التي تزين جنبات الطرق العامة بالمنطقة الكثافة الشرائية التي تجدها تلك الأواني من قبل أهالي وزوار المنطقة الذين يحرصون على اقتناءها خاصة كبار السن من الرجال والنساء.
وشهد “مراسل واس ” النشاط الواضح لحركة البيع للأواني المنزلية خلال الفترة الحالية وخاصة مع قرب حلول الشهر الفضيل, لتلك الأواني التي تعد من الضروريات في كل منزل جيزاني، حيث يكون للطعام نكهته الخاصة التي يفضلها الأهالي وتجيد استخدامها الأمهات اللواتي أصبحن على معرفة وخبرة كافية بأنواعها المختلفة من خلال طهي وتقديم الطعام لأنها تضيف نكهة خاصة على الأطعمة ومظهر جمالي مناسب للسفرة الرمضانية.
وتتحول الكثير من المطابخ الجيزانية كل عام إلى شبه متاحف مصغّرة للإبداعات الفخارية الأصيلة التي تصنعها أنامل صناع الفخّار، وقال أحد بائعي الأواني الفخارية في محافظة صبيا عبدالله ناجي زين : تجد الأواني الفخارية التي يتم إعدادها بالأيدي، إقبال متواصل طوال العام لاستخدامها لإعداد الأطعمة وطهوها، وفي مقدمتها المغش وهو وعاء حجري منحوت على شكل قدر توضع جميع مقادير الطعام فيه وتخلط وتقلب ويضاف لها الماء حتى يغمرها، ويطهى بوضعه في التنور الذي يصنع أيضا من الفخار ويتوافر في جميع البيوت الجيزانية، الحيسية وهي إناء اسطواني مصنوعة من الفخار تستخدم لصنع وجبة المفتوت والثريد المصنوع من خبز الذرة والدخن مع اللبن والسمن البقري ويفضل تناولها ساخنة.
وبيّن أن من أبرز الأواني التي تجد إقبالاً من قبل المتسوقين “الجبنة” وهي أداه مصنوعة بشكل الدلة تستخدم لصنع القهوة لكونها تضفي عليها نكهة لذيذة وتحفظ القهوة فتره طويلة, و”الجرة” ذلك الوعاء الاسطواني الشكل المصنوع من الفخار ويستخدم لتبريد الماء بدلا عن الثلاجات، و”المجمر” المصنوع من الطين الفخاري القوي بما يمكنه من تحمل الحرارة الشديدة، ويستخدم لتبخير الضيوف والمنازل بعد وضع فيه الفحم والبخور والعود ليضفي على المنازل رائحة جميلة.
من جانبه أوضح علي أحمد فاضل، البائع بأحد المحلات، أن غالبية الأسر تفضل شراء الأواني الفخارية استعداداً لشهر رمضان، حيث يكون إعداد الطعام في هذه الأواني مختلفا كلياً عن إعدادها في الأواني العادية.
من جهته أشار المواطن محمد بن حمود دربان إلى حرصه على اصطحاب أسرته لشراء الأواني الفخارية التي تشتهر بها منطقة جازان عن سواها، حيث أصبحت أسرته على معرفة بأنواعها ويمكنها التمييز بين الجيد منها وغير الجيد، من حيث سمكها وأنواعها.

ويبين المواطن عبد المحسن ربيع، أن أسعار الأواني الفخارية مناسبة للغاية مقارنة بالمذاق الذي تضيفه للطعام الذي تحرص الأسر على تناوله في إفطارها الجماعي الذي يستمر طيلة أيام الشهر الكريم.
وبين البائع محمد علي صغير من جانبه أن علمه في بيع الأواني الفخارية منذ ما يزيد عن سبعة أعوام، وأن النساء يقبلن على شرائها أكثر من الرجال وخاصة في رمضان, لمعرفتهن بأهميتها في حفظ حرارة الأطعمة وإعطاء مذاق خاص لها, لافتاً إلى أن الطلب على الأواني المنزلية تكون في رمضان حسب الحاجة فهناك من يفضل “المدر” أو “الحرضة” في طهي وجبة و”العصيد والفتة ” وغيرها من الوجبات الشعبية التي عرفت بها جازان.
ووقف مراسل “وكالة الأنباء السعودية” على مراحل انتاج وصناعة الأواني المنزلية، حيث تطرق المتخصص في صناعة الأواني المنزلية خالد علي جمالي أن مراحل التصنيع تبدأ عن طريق فصل الرمل عن عروق الشوائب العالقة بها ثم يتم نقعها في أحواض معدة لذلك, لتبدأ بعد ذلك عملية أخرى يطلق عليها “الدولبة”، هذه العملية تتم بواسطة الآلة الخشبية التي تسمى بالدولاب أو الغزال اللولبي، التي تتشكل من خلالها الأواني الفخارية.
وأفاد أن مرحلة الدولبة تبدأ بوضع كرة من الطين في أعلى الدولاب ثم يحركه من خلال القدم حركة لولبية سريعة منتظمة، مع الإمساك بكرة الطين باليد بمهارة وإحكام، ويضغط بكلتا يديه من الأعلى إلى الأسفل والعكس وحينها يأخذ الطين الشكل المرسوم في ذهن الشخص, ليتم بعد ذلك وضع المنتج عند درجة حرارة عالية لمدة معينة تكتسب خلالها قدراً كبيراً من الصلابة والمقاومة للصدمات، كما تبرز بعضها بألوان مختلفة قبل إدخالها إلى الأفران أو ينقش عليها بعض الرموز المعبرة ومن ثم تجهيزها لبيعها للتجار داخل الأسواق.
وأكد البائع عبده محمد أن أسعار القطع الفخارية والحجرية تتراوح بين 25 ريالاً إلى 500 ريال، حيث تبلغ قيمة التنور الذي يستخدم في طهي الأطعمة الكبيرة بين 150 و 200 ريال حسب الحجم, فيما يعد المغش الأكثر مبيعاً ويتراوح سعره هذه الأيام بين 25 و 35 ريالاً , والقدر الحجري والذي يتراوح سعره من 250 ريال إلى 500 ريال.
من جهته استرجع محمد حسن مصيدي ( 60 عاماً ) ذكريات الأهالي وحاضرهم المرتبط بالأواني الفخارية التي لا يخلو منها منزل, ومداومتهم على استخدامهم للطبخ فيها للحصول على نكهة وطعم رائعين للواجبات الجازانية التي تفردت بتنوعها ومذاقها الخاص حتى أصبحت ميزة تراثية وشعبية فريدة تميزت بها المنطقة.