استقبال العيد في قبيلة “بلغازي” كغيرها من القبائل المجاورة لها بمنطقة جازان، فهي قربة وطاعة لله عز وجل، تتجلى فيهما الكثير من معاني الإسلام الاجتماعية و الإنسانية .
وعلى الرغم من تشابه عادات القبائل خلال عيد الفطر المبارك إلا أن لكل قبيلة عادات تختص بها دون غيرها وإن كانت صلاة العيد وتبادل زيارات الأقارب وصلة الرحم واحدة إلا أن لكل قبيلة طريقة مختلفة بعض الشيء في ممارسة هذه العادات والتقاليد.
تبدأ مظاهر العيد في قبيلة بلغازي قبل العيد نفسه فيبدأ رب كل أسرة بالاستعداد للذهاب إلي سوق عيبان ببلغازي المعروف بسوق الخميس فيقوم بشراء مستلزمات العيد من أطعمة وألبسة وبعض النباتات العطرية وجوزة الطيب والحُسن .
يجتمع أكابر رجال القبيلة لتحري رؤية هلال شهر شوال في الليلتين الأخيرتين من شهر رمضان وعند رؤيته يُطلق الرجال من بنادقهم عدة رصاصات وصرخات التباشير يتردد صداها في كل جبل ووادي إيذاناً بدخول الشهر وأن الغد هو أول أيام عيد الفطر المبارك.
وقبل العيد بيوم أو يومين تقوم النساء والفتيات الصغيرات أيضاً بوضع الحناء بأيديهن وأرجلهن .
وفي ليلة العيد أو صباحه يتجمعن النساء عند بعضهن البعض لعمل “الخَـرشة” تسمى حاليا بـ”العضية” وهي تسريحة خاصة بالشعر تخلط مكونات العضية من الظفر والطيب وغيرها من الحبوب والزهور العطرية المجففة بالماء مع بعضها البعض بعد سحقها بالمطحنة اليدوية , وتوضع على الشَّعر وتُمهَّد “حُفة” الشَّعر من الأمام بنفس المكونات المخلوطة سابقاً ويوضع على مفرق الرأس الحُسْن ثم يركب الكاذي والخزام والبعيثران والطروق والشيح والهزاب بظفائر الشعر من الخلف بطريقه منظمة وجميلة ويثبت جميع الشعر بمصرٍ خفيف ويُغطى بالشيلة.
كما يبدأ النساء في ليلة العيد بإعادة تنظيف البيوت وترتيبها وإخراج الأواني التي لا تستخدم إلا للمناسبات السارة والأعياد .
وتُعدُّ الغزوانيات عمل حلى الجُـلجلان بالسكر “السمسم” ووضعه بشكل دوائر وحفظه في إناء مخصص لذلك.
ومع أول ساعة من صباح العيد يستعد الرجال بلبس ملابسهم الجديدة والمكونة عادة من ( الوزرة , أو المصنف ,أو المثلوث ,أو النعمانية ,أو الحطيم ) ومعه الشميز المقلم أو السادة والكوت ولبس العكاوة المخاطة ببعض النباتات العطرية .
ويجتمع الناس لصلاة العيد حيث يقومون بعد آداء الصلاة بتهنئة بعضهم بعبارتهم المشهورة (عاد عيدكم من عام لعام يأتي ردو وحنا مجتمعين)
والنساء يبدأن بلبس الثوب والسديرية والقطاعة المخرزة بالخيوط الملونة والترتر هي ما تسمى حاليا بـ (الشيلة) ويؤدين صلاتهن في منازلهن .
ويقمن بتحضير الشاي والقهوة( القشر- والبن ) وجلب الجلجلان المُعد مسبقا ووضعها في المجالس .
ولابد من إعداد بعض الأطعمة في الفترة الصباحية المعيشة المكونة من البر أو الدخن تتوسطها صبغة من السمن والعسل بالإضافة إلي الذرة المفتوتة باللبن والسمن التي تم خبزها في الميفا (التنور) والبياضة أو الطهامة أوالحقنة وهو اللبن المخضوض ويحضر الطعام ويغطى لحين عودة الرجال من صلاة العيد.حيث يتوافدون مشياً على الأقدام من مصلى العيد إلي أول بيت يصادفهم في طريقهم حتى آخر منزل , يقفون صفاً واحدًا ينشدون بعض الأناشيد التراثية التي تحكي عن الكرم والجود والشجاعة ويطلقون بعض الطلقات النارية يتقدمهم صاحب المنزل مرحبا بهم ويتم إدخالهم إلي المجلس ويدعوهم إلي الطعام المعد ويزيح ” المهجان ” المصنوع من طـُفي الدوم الذي كان يغطي الطعام وهو ما يسمى بالحصير ويقف بإناء به ماء ليغسل ضيوفه الزائرين أيديهم ,حينها يردد كل رجل يغسل يده ( شرف الله قدرك ) ومن العيب أن يعتذرالزائر من تناول الطعام لدي المضيف.
وبعد الفراغ من تناول الطعام يقول الضيف (عاد عيدك) ، ثم بعد ذلك يقوم صاحب المنزل بصب القهوة ومناولة المعيدين بعض قطع المشبك والجلجلان ,ويقدم للصغار اللذين يرافقون آباءهم بعض من حلويات “صُّبع زينب” وحلاوة النعناع وحلاوة نحل العسل ,ثم بعد ذلك الشاي .
وقبل خروجهم يودعهم من منزله ببخور الجاوي والصندل والمسك وقطرة زيت في يد كل معيد من عطر الكاذي.
ويستعد صاحب المنزل مره أخرى ويخرج مع ضيوفه ليحل ضيفاً معهم هو الآخر للبيت الذي يلي منزله .
ويعودون لمنازلهم بعد آداء صلاة الظهر ليقومون بتجهيز الذبائح .
في الجانب الآخر تشعل نساء بلغازي الموافي بعضها لحنذ اللحم والبعض الآخر لخبز الخمير والدقيق, وتعمل (الثفية) وهي عبارة عن حجرتين مستويتين يتوسطها أعواد الحطب المشتعلة يوضع عليها القدر الذي يطبخ فيه اللحم والمرق.
وأيضا تعد العصيدة المكونه من الدقيق أو البر ويوضع بجانبها صواني المرق (للمكوعبة) والمكوعبة هي ما يتناوله الرجل بيده من عصيدة البر أوالدقيق ويجوفها ويغرف بها المرق وكذلك المشرعه وهي عبارة عن الذره المفتوته بالسمن ثم توضع في صحن كبير وعميق ويصب عليها السمن والعسل .
ثم بعد صلاة العصر ينطلقون لتجهيز الهرشه (سميت الهرشه بسبب موعد الغداء الذي يكون بعد صلاة العصر) .
يجلب أهالي الحي الطعام الذي تم إعداده ويحضر في مكان معين الرجال على حده والنساء في بيت الشيخ أو عريفة القبيلة أو بيت واسع لأحد الأهالي .
ثم يبدأ الرجال بعد الفراغ من تناول الطعام بالقيام ببعض الأهازيج ,والعرضات الشعبية كالدمة والزاملة ,والعزف على القصيبة وهي عبارة عن عودين من أعود القصب مفرغين وهو ما يسمى حاليا بالمزمار.
وتقام بعض الألعاب الشعبيه أيضا كوضع حجر من المرو الأبيض ونصبه في وسط جبل خالي من السكان بمسافة 65م إلي 100 م ثم يتبارون واحدا تلو الآخر بقنصها بالسلاح أيهم يتقن الإصابة من أول وهلة .
وكذلك النساء يجتمعن ويحيين ليلتهن بالإنشاد والرقص الشعبي ، وبقية أيام وليالي العيد تخصص لتجمع العائلات يجدولها كبير العائله على أن يبدأ جدول الزيارة بعقد اجتماعهم الأول في بيته ثم الذي يليه .
وكثير من العادات في بلغازي مازالت قائمة إلي يومنا هذا.
……………….
كتبته : سجى الغزواني
لقد ابدعتي بطرحك لهذا الموضوع الرائع الذي يظهر قبيلتنا بشكل مميز ف لكي الشكر والامتنان وسلمت اناملك الذهبيه التي ابدعت ،
اختك/ ر/الغزواني