تتمدد منطقة جازان في الجزء الجنوبي الغربي من السعودية، متكئة على سلسلة جبال تهامة باتجاه البحر الأحمر، حيث تحمل أوديتها الكبيرة هدايا السحاب المعانق لمرتفعاتها، مروراً بسهولها وسياحلها المنبسطة طولاً من نهاية الحدود الإدارية  الداخلية بين القحمة والبرك شمالاً، وحتى الحدود السعودية اليمنية، بطول يبلغ 350 كيلومتراً، وعرض يتراوح بين 80 ـ 200 كيلومتراً.

التضاريس: ما عدا الأنهار، تنعم جازان بتنوع تضاريسي فريد، بين مرتفعات شاهقة وسهول وأودية وبعض الصحاري الصغيرة، إلى جانب سبخات ملحية ومناطق ساحلية وشواطئ، وصولاً إلى البحر وبعض الجزر المتناثرة فيه والتابعة للمنطقة، وهناك بعض الأودية الكبيرة التي تجري قرابة الاشهر العشرة في العام الواحد.

التاريخ: يطلق اسم جازان على المنطقة الإدارية وعاصمتها وواديها الكبير، وهو الاسم الذي أثار جدلاً واسعاً بين أبناء المنطقة من الأكاديميين والمثقفين، حول إطلاق اسم «جيزان» أو «جازان» على المنطقة والمدينة، وبعد مناظرات تاريخية وتوثيقية حسم الأمر لمصلحة الأخير، وأبدلت الياء ألفاً.

قديماً، كانت تعرف المنطقة بـ«المخلاف السليماني» نسبة إلى أحد أمرائها وهو سليمان بن طرف الحكمي، من أهل النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، الذي وحد «مخلاف حكم» و«مخلاف عثر» تحت إمارته باسم «المخلاف السليماني» وظل بعد ذلك يطلق على المنطقة الممتدة من «الشرجة» في ساحل بلدة «الموسم» جنوباً إلى بلاد «حلي بن يعقوب» شمالاً التابع حالياً لمحافظة القنفذة.

الحدود: ويحد منطقة جازان من الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية ميناء «ميدي» اليمني وبلدة «حرض» اليمنية المواجهة لمحافظة ومنفذ «الطوال»، وشرقاً جبل «أبي النار» وجبل «شقدم» و«الملاحيط» وجبال «رازح» و«النظير» و«شدا» و«العر» و«منبه» و«باقم» و«قطابر» من البلاد اليمنية، وشمالاً الحدود الإدارية الداخلية «جلة الموت» و«بلاد قحطان» و«جبال عسير» و«رجال ألمع» ثم «قنا والبحر» و«البرك»، وغرباً البحر الأحمر.

المناخ: يوصف مناخ جازان بأنه شديد الحرارة خاصة في السهول، أما المرتفعات المتوسطة فهي أقل حرارة نسبياً، بينما تتميز الجبال الشاهقة باعتدال المناخ صيفاً وأقرب إلى البرودة في الشتاء، وفي المتوسط، تتراوح درجات الحرارة بين ثلاث درجات مئوية فوق الصفر ليلاً في المرتفعات، و43 درجة مئوية نهاراً في السهول، ويصل معدل الأمطار في السهول إلى 200 ملليمتر مكعب، بينما يصل إلى 630 ملليمتر مكعبا في القسم الجبلي، وتختلف درجات الرطوبة بحكم اختلاف تضاريس المنطقة، حيث يتراوح معدل الرطوبة صيفاً في الشواطئ والسهول بين 50 إلى 80 في المائة، وفي الشتاء تتقلص الرطوبة بين 30 إلى 50 في المائة، وتتراوح الرطوبة في المرتفعات الجبلية بين 20 و25 في المائة.

وتهب في المنطقة رياح موسمية من الشمال الغربي صيفاً، تثير عواصف رملية تسمى محلياً «الغُبْرة»، وتكون أشد هبوباً من وقت الزوال إلى غروب الشمس، لا سيما في منطقة السهول، وتهب في فصل الخريف في فترة برجي «السرطان» و«الأسد»، حيث تحمل الرياح أنفاس البحر إلى قمم المرتفعات، فتتحول إلى كتل من السحب الرعدية الممطرة تفيض من جرائها السيول وتمطر السهول.

وفي فصل الربيع تهب الرياح جنوبية غربية، فتهيج مياه البحر الأحمر، لكون الرياح تدفع مياه المحيط الهندي، الذي يعد الأب المائي للبحر الأحمر، فيتضاعف التيار وترتفع الأمواج، وتهطل بعض الأمطار في هذا الوقت، فتزدهر زراعة المناطق المتصحرة نوعاً ما، والتي تسمى «الخبوت» في اللهجة المحلية، بحبوب الدخن.

الأودية والزراعة: يجري في المنطقة 29 وادياً، ويوجد سد واحد في جازان، يطلق عليه سد وادي جازان أو سد «ملاكي»، الذي أنشأ في 1970، حيث يخزن كميات كبيرة من ماء السيول تصل إلى 45 مليون لتر مكعبا، وسعته التخزينية تبلغ 71 مليون لتر مكعب، وسد آخر قيد الإنشاء على وادي «بيش» دائم الجريان، وهناك 22 وادياً تتوزع بين المتوسطة والصغيرة، ومجموعة ضخمة من الشعاب، وتعتمد جازان على مياه الآبار التي توفر نحو 6.3 مليون متر مكعب سنوياً لمختلف الأغراض، ومن أهم المحاصيل التي تنتجها المنطقة الذرة الرفيعة بجميع أنواعها، وجميع الخضراوات ومعظم الفواكه، مثل المانجو والتين والجوافة والأناناس واليوسفي والبرتقال والموز والشمام والسفرجل.

المدن والقرى وعدد السكان : وتضم جازان المنطقة، أكثر من 1000 قرية متناثرة على قمم الجبال وضفاف الأودية وبطون السهول ورمال السياحل والشواطئ، إلى جانب 13 محافظة، خمس منها جبلية، وواحدة تطفو وسط البحر الأحمر، واثنتان ساحليتان، وخمس أخرى ترقد وسط السهول، ويبلغ عدد سكان منطقة جازان 1.18 مليون نسمة، بحسب نتيجة التعداد السكاني في 2004، يعمل معظمهم في وظائف حكومية أو تربية المواشي وصيد السمك وبعض الحرف اليدوية البسيطة أو استخراج زيت السمسم ومنهم من يحترف الزراعة، وبعضهم يبيع الغلال والفواكه والخضار والأشجار العطرية كالفل والكاذي والبعيثران والريحان والوزاب، وبيع الخزفيات والفخاريات والمصنوعات الجلدية، إلى جانب تربية النحل.

المناطق السياحية: تعد جبال «فيفا» أعلى بقعة في منطقة جازان، بارتفاع يبلغ 7 آلاف قدم فوق مستوى سطح البحر، وتبعد عن مدينة جازان 110 كيلومترات إلى الشمال الشرقي، وتمتاز جبال فيفا باعتدال مناخها في الصيف، والبرودة في فصل الشتاء، وتكسوها الأشجار المعمرة والنباتات الخضراء، وتشتهر بزراعة البن والموز والزيتون البري والتمر الهندي، وبها بيوت أثرية اسطوانية الشكل.

أما محافظة «الريث» (شرق المنطقة) فتعتبر من الأماكن السياحية في المنطقة، حيث تتوفر بها الغابات الجميلة بأشجارها المعمرة ونباتاتها العطرية، وتنتشر فيها الوديان الجارية، كوادي «لجب» الخلاب الواقع بين جبلين عملاقين، حيث يقصده السياح من مختلف الأرجاء، ويشتهر بمياه شلالاته العذبة الباردة والوفيرة بكمياتها الكبيرة، ونباتاته الخضراء على جدران الجبلين، وكذلك الجبل الأسود التابع لقبائل «العزيين» الذي يمتاز بجمال طبيعته وأشجار الزيتون البري والنباتات العطرية والورود الجميلة، وبأجوائه اللطيفة والباردة طوال العام .

وتضم محافظة «الدائر» (شرق جازان) سلسلة جبال «بني مالك»، وجميعها مواقع سياحية لوجود الخضرة الدائمة في مدرجاتها، واستمرار هطول الأمطار عليها طيلة العام، إلى جانب جبال الحشر، المتميزة بجمال طبيعتها الخلابة، ومناظرها الجميلة وقراها الأثرية القديمة وغاباتها الكثيفة، مثل غابات «نيد المسلم» وغابات «الشجعة» وجوها اللطيف في معظم العام، والذي يميل الى البرودة أحياناً، إضافة إلى جبال «آل تليد» التي يوجد بها عدد من الوديان العملاقة كوادي دفا والسلف وحمر، وكذلك الشلالات الطبيعية، والبحيرات الصغيرة التي لا يجف عنها الماء طيلة العام، وأيضاً الأشجار العطرية.

بينما تقع جبال «بلغازي» في الشمال الشرقي عن مدينة جازان، بحوالي 100 كيلومتر، وتحتوي على العديد من الأماكن السياحية والأثرية، وبها الوديان العملاقة التي تجري فيها المياه طوال العام، كوادي «قصي» ووادي «القاط»، وتكسوهما الغابات الجميلة بأشجارها العطرية وأشجار السدر، وهي مقصد للمصطافين وهواة الرحلات السياحية لوفرة مواقع المخيمات فيها، أما جبل «منجد» فيعد واحداً من الجبال الزراعية الجميلة في المنطقة، والذي تتوفر به المدرجات الزراعية الدائرية، والمنازل الحجرية القديمة. كما تشتهر منطقة جازان بالعيون المائية الحارة، والتي يرتادها السياح والزوار للعلاج من بعض الأمراض الجلدية وأمراض المفاصل، وتوجد في المنطقة ثلاث مناطق للعيون الحارة، الأولى تسمى بـ«الوغرة» والواقعة شرق سد وادي جازان، وتبعد عن مدينة جازان 51 كيلومتراً، وفيها مشروع سياحي طبي للشركة السياحية بالمنطقة، والعيون الحارة بمدينة «الخوبة» التي تبعد عن مدينة جازان 69 كيلومتراً، وأقيمت فيها مرافق سياحية أهدتها شركة اسمنت المنطقة الجنوبية، وهناك العيون الحارة الواقعة بوادي «ضمد»، التي تم استصلاحها من قبل هيئة تطوير «فيفا»، وتعد من العيون النموذجية، وتتراوح درجة حرارة المياه الخارجة من هذه العيون ما بين 58 ـ 75 درجة مئوية، ويحتوي هذا الماء على درجة عالية من الأملاح، خاصة «الصوديوم» و«البوتاسيوم» و«الفلورايد» و«المغنيزيوم» و«الحديد» و«الكالسيوم» و«الكبريتات» و«الكلورايد» و«السليكات» و«الفوسفات» و«الزنك».

ومن المناطق السياحية في المنطقة، أرخبيل جزر «فرسان» على بعد 50 كيلومتراً وسط البحر الأحمر وإلى الغرب من مدينة جازان، وتبلغ مساحتها حوالي 38100 هكتار، ويصل مجموع أطوال شواطئها الى 216 كيلومتراً، وتشتهر بوفرة الغزلان والطيور والسلاحف، ولذلك تحولت إلى محمية طبيعية، ويقام بها مهرجان سمك «الحريد» الشهير في كل عام، وبها مناطق أثرية وتاريخية عديدة، مثل بيت الرفاعي ومسجد النجدي وبيت «الجرمل».

وتضم منطقة جازان العديد من المواقع التاريخية القديمة، الدالة على عراقتها وأصالتها، وبها شواهد تاريخية عن حضارات غابت، ومن أبرز هذه المعالم مدينة «عثر» الواقعة غرب محافظة صبيا، ومدينة «جازان العليا» وجامع «القبب» في محافظة أبي عريش، وقلعة «الدوسرية» في قلب مدينة جازان، و«مهد الحصون» جنوب محافظة «أحد المسارحة»، وكذلك «دار النصر» وجبل «جحفان» في محافظة الحرث، ومجموعة من القلاع والقصور والبيوت القديمة في كل من صبيا وصامطة وفرسان وفيفا.

أسواق جازان: تنتشر في منطقة جازان الأسواق الشعبية الأسبوعية، والتي تنسب إلى أيام الأسبوع، مثل سوق الأحد في محافظة المسارحة وسوق الاثنين في محافظة صامطة وسوق الخميس في بلدة الخوبة التابعة لمحافظة «الحرث»، والأخير اكتسب شهرة على مستوى المملكة واليمن، لقربه من الحدود السعودية ـ اليمنية، ولاحتوائه على معروضات نادرة وغريبة.

وتعد منطقة جازان جامعة لأنواع عديدة من السياحة مثل السياحة الشتوية والصيفية والعلاجية والتاريخية.

وسائل النقل: يوجد بمنطقة جازان مطار إقليمي، هو مطار الملك عبد الله بن عبد العزيز، الواقع جنوب شرق العاصمة الإدارية، يستقبل رحلات من الرياض وجدة والدمام والطائف ونجران، وفي الآونة الأخيرة تم تطويره بأكثر من 120 مليون ريال، ليستقبل الطائرات الضخمة، ولاستيعاب الأعداد المتزايدة من المسافرين.

وترتبط المحافظات والقرى بشبكة من الطرق المعبدة، ويوجد أكثر من 5898 كيلومتر من الطرق الترابية، و143 كيلومتراً من الطرق المسفلتة والمنارة والمشجرة، ويمر بمنطقة جازان الطريق الدولي الرابط بين السعودية واليمن، مروراً بمدن «الدرب» و«بيش» و«صبيا» و«أبو عريش» و«أحد المسارحة» و«صامطة» و«الطوال»، والأخيرة تحتوي على المنفذ الحدودي البري، ثم يواصل الطريق مساره إلى المدن اليمنية «حرض» و«الحديدة» و«صنعاء» و«عدن»، ويجري العمل حالياً على ازدواج هذا الطريق الدولي في الشق السعودي، وترتبط مدينة جازان مع باقي المنطقة من خلال ثلاثة طرق رئيسة، (صبيا ـ جازان) و(أبوعريش ـ جازان) و(أحد المسارحة ـ جازان).

كما يوجد ميناء تجاري كبير في مدينة جازان، يستقبل السفن القادمة من البحر الأبيض المتوسط وشمال البحر الأحمر، وكذلك القادمة من الخليج العربي وبحر العرب والمحيط الهندي، كما يستخدم لإبحار «عبارتين» إلى جزر فرسان، يطلق على أحدها «البرق» والأخرى «العارض»، تقل المسافرين من وإلى فرسان، حاملة عددا محدودا من السيارات، وقد تم تخصيص مبلغ مالي في ميزانية العام المالي الحالي لتأمين «عبارتين» حديثتين، كما تنتشر القوارب الصغيرة و«الفلوكات» التي تستخدم للصيد والتنقل، وهناك رصيف آخر لضخ مشتقات البترول يقع في جنوب المنطقة، تستخدمه شركة أرامكو السعودية.

كما توجد شركات ومؤسسات متخصصة لتوفير سيارات «الأجرة»، خاصة في مدينة جازان، إلى جانب مجموعة كبيرة من سيارات «الأجرة» التي يعمل عليها أفراد مستقلون، إضافة إلى وجود أكثر من محطة لحافلات النقل الجماعي.

الشاليهات والقرى السياحية

* قامت شركة جازان للتنمية السياحية بإنشاء مشروع شاليهات في جزيرة المرجان ويضم هذا المشروع 50 شاليهاً، كما يوجد مشروع آخر للشاليهات في منطقة العيون الحارة يتبع لشركة جازان للتنمية السياحية، إلى جانب منتجعات «كورال» التي افتتحت حديثاً في جزر فرسان، كما قامت مؤسسة السدحان لتجارة والمقاولات بعمل مشروع فلل سياحية على ساحل البحر الأحمر. المراكز الترفيهية

* كانت منطقة جازان إلى عهد قريب تفتقد لوجود أي مراكز ترفيهية بها، إلى أن قامت البلدية بتجهيز وتطوير الكورنيش الشمالي، وتم وضع الألعاب الثابتة به، كما توجد بعض الألعاب الترفيهية في القرية السياحية التابعة لشركة جازان في جزيرة المرجان، إضافة إلى ذلك المشاريع الترفيهية التي قامت بإنشائها خلال الفترة الأخيرة بعض الشركات السياحية، كالمركز الترفيهي الذي قامت بإنشائه مجموعة الحكير، والمركز الترفيهي الذي قام بإنشائه الشيخ سالم صالح بابقي «أوقات سعيدة».

المنشآت الثقافية والرياضية

* يعد النادي الأدبي بجازان، واحداً من أنشط الأندية الأدبية، على مستوى الطباعة واستقطاب المبدعين، حيث يرعى الثقافة والإبداع الأدبي، جنباً إلى جنب مع جمعية التراث والفنون، ومكتبة جازان العامة، وبعض الصالونات الأدبية الأهلية، كما يوجد في منطقة جازان خمسة أندية رياضية، هي التهامي من جازان وحطين من صامطة والصواري من فرسان والأمجاد من بيش واليرموك من أبو عريش، وهناك مدينة رياضية تحتوي على ملعب لكرة القدم وصالة مغلقة ومسابح ومرافق رياضية أخرى.