مرت منطقة جازان بأطوار عديدة في الجاهلية والإسلام، ويلاحظ المتمعن في تاريخها ارتباطاً وثيقاً باقليم الحجاز وبخاصة في عهد النبوة إلى عصر القوة من أحداث التاريخ بنهاية الدولة العباسية ثم أخذت تكون كياناً مستقلاً عُرف في القرن الرابع الهجري بالمخلاف السليماني وهو الاسم الذي تميزت به المنطقة عن بقية اقاليم الجزيرة العربية حتى دخول  المنطقة في العهد السعودي بأطواره المختلفة، ورغم تعاقب هذه الأطوار والعهود فإن المنطقة احتفظت بمكانتها السياسية الهامة لعدة اعتبارات منها: أولاً: موقعها على ساحل البحر الأحمر على الضفة الشرقية منه قبالة الشواطئ الشرقية لافريقيا مما سمح باقامة علاقات تجارية بينها وبين هذه القارة منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة كما تشير إلى ذلك الكتابات التوثيقية في المتاحف الوطنية في المملكة. ثانياً: تُشكِّل سهولها وجبالها صلة الوصل بين الحجاز شمالاً واليمن جنوباً من أجل رحلة الشتاء القرشية فقد مدت عليها قريش نفوذها لتضمن سلامة رحلة الشتاء إلى اليمن. ثالثاً: حدوث المتغيرات في الحجاز وفي اليمن وخاصة في العصر الحديث. رابعاً: وجود الموانئ الطبيعية وتمددها على شواطئها حيث تبلغ عشرة موانئ، وخصوبة أراضيها ووفرة مياهها حيث تنحدر من أعالي جبال السروات إلى البحر الأحمر أكثر من تسعة عشر وادياً كل ذلك جعل لهذه المنطقة مكانة مرموقة في السلم والحرب قديماً وحديثاً. لكننا سنقتصر في الحديث عن هذا الجانب على مطلع القرن الرابع عشر الهجري فقد شهد ذلك القرن منذ بدايته متغيرات سياسية جسيمة على المستوى الدولي والاقليمي، فبدأت في الفترة سمات الضعف وبدايات الانهيار في الحكومة التركية ذات السيادة على المنطقة حتى لم يعد لها نفوذ ملموس، ويصوِّر لنا مؤرخ المنطقة القاضي عبدالله العمودي هذه الفترة وهو ممن عاصر هذه البدايات وضع المنطقة قبل قيام دولة الأدارسة يقول: «.. والشعب في غاية الهمجية لعدم الضغط من الحكومة التركية». ويقول العقيلي: «والأتراك في جازان لا يتعدى حكمهم أول السبخة» وفي الضفة الغربية للبحر الأحمر في الجزء المقابل للمنطقة أخذت ايطاليا تبسط سيطرتها على القرن الافريقي في اطار السباق الاستعماري المحموم على بلاد العالم العربي ومازالت تشدد قبضتها على تلك البلاد حتى أعلنت عام 1890م ان اريتريا أصبحت جميعها مستعمرة إيطالية «وقاعدتها مدينة مصوع على الضفة الغربية من البحر الأحمر المقابلة لتهامة»، وأصبحت «الحكومة الإيطالية على معلومات تامة ودراية كاملة بأحوال المخلاف السليماني». تطلعات الأشراف في الحجاز في شمال المنطقة، وأئمة صنعاء في جنوبها، ولكلا الجانبين نواياه وتربصاته. أما على المستوى الاقليمي: قيام دولة الأدارسة «1326 1351ه» ففي عام 1326هـ ونتيجة للصراع السياسي الذي أوجده ضعف الدولة التركية، دعا محمد بن علي الإدريسي لنفسه في صبيا ولاقت دعوته قبولاً كبيراً بين قبائل المنطقة مما أثار حفيظة الدولة التركية فعقدت معه معاهدة الحفاير بجازان سنة 1328هـ فأظهرت المعاهدة شرعية أمره في المنطقة مما دفع الحكومة التركية للصدام المسلح معه في معركة الحفاير في جمادى الأولى سنة 1329هـ فخرج منها منتصراً. وعندما لاحت نذر الحرب العالمية الأولى سارع الإدريسي بعقد معاهدة نيسان 1915م مع بريطانيا الحلفاء وضمت بها حرية الملاحة في موانئ المنطقة في الوقت الذي كانت في بريطانيا تفرض الحصار على جميع الموانئ التركية في البحر الأحمر.وبعد ان وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها وعلى اثر موقعة عام «1337ه» وانتصار عبدالعزيز آل سعود «1293 1373ه» فيها على اشراف الحجاز.. أدرك الإدريسي «ان هناك قوة ينبغي الركون إليها» وللعداء المستحكم بينه وبين جيرانه في الشمال والجنوب عقد محمد بن علي الإدريسي اتفاقية عام 1339ه مع الملك عبدالعزيز المؤرخة في 10 صفر 1339ه، ولكن ما لبثت الأحداث ان عصفت بالبلاد بعد استقرار لم يدم طويلاً حيث نشب الصراع بين الأسرة الإدريسية نفسها بعد وفاة محمد علي الإدريسي في 6 شعبان 1341ه حيث قام بالأمر بعده ولده السيد علي الإدريسي ولم يرق هذا لعمه الحسن بن علي الإدريسي وبعض أفراد الأسرة الإدريسية. وعند تفاقم الحالة ووقوع النزاع بين الإمام وعمه بعثت الحكومة السعودية وفداً برئاسة محمد بن دليم يحاول اصلاح ذات البين وفعلاً وصل الوفد إلى المنطقة وبدأ اتصالاته، ولكن التوتر كان على أشده فظل الوفد يراقب الحالة حتى تمكَّن الحسن الإدريسي من السيطرة على الأوضاع، غادر الوفد البلاد عائداً إلى عسير. استغل إمام اليمن اضطراب الأحوال في المملكة الإدريسية فزحف على أجزائها الجنوبية والشرقية فاستولى على جبل شدا، وزحف على الحديدة وميدي. وعاودت إيطاليا اطماعها في المنطقة وأهدت للإمام سيارة جديدة فيات وكاد ان يقع في حيلها الاستعمارية لكن المجاهد الإسلامي أحمد شريف السنوسي نصح الحسن بطلب الحماية من السعودية لما بين الأسرتين من الصداقة التقليدية فعقدت معاهدة مكة المكرمة بين الملك عبدالعزيز آل سعود والإدريسي بواسطة السنوسي وعرفت بمعاهدة مكة في 24 ربيع الآخر 1345ه «1926م» وعلى إثر ابرام المعاهدة كتب الملك عبدالعزيز إلى إمام اليمن بما تم الاتفاق عليه للاحاطة ورجاء التوقف عن الزحف عن بقية إمارة الإدريسية وفي عام 1351ه صدر الأمر الملكي بتوحيد البلاد السعودية باسم المملكة العربية السعودية، ويصبح لقب حاكمها ملك المملكة العربية السعودية. وفي أول شهر رجب 1351ه انقلب الإدريسي على الحكومة السعودية وحاصر الحامية السعودية في قلعتهم بمدينة جازان حتى استسلمت وما هي إلا بضعة أيام حتى وصلت الجيوش السعودية إلى المنطقة وفرَّ الأدارسة، ومازالت الحكومة السعودية تعمل على استقرار الأمن وتأمين الناس وبدأ الإنسان السعودي يتنفس أنفاس الأمن والأمان في هذه المنطقة وغيرها من مناطق المملكة العربية السعودية إلا ان هذا الاستقرار لم يطب لإمام اليمن فتقدم جند من جيش الإمام يحيى سنة 1352ه 1932م إلى جبال جازان ونجران وعلم الملك عبدالعزيز بالأمر فاستعظمه وأنذر الإمام بوجوب سحب القوات اليمانية فلم يستجب وبعد عدة برقيات ومفاوضات بين الجانبين نشبت الحرب وأقبلت قبائل المنطقة شبابها وشيوخها إلى أمير المنطقة حمد الشويعر يطلبون منه التقدم إلى أرض القتال فرفع للملك بذلك فكانوا أثناء تقدم القوات في مقدمة طلائع الجيش السعودي لما لهم من خبرة في الحدود، والبلاد المجاورة وفي يوم 27/12/1352 ه 1933م وصل الأمير فيصل بن عبدالعزيز إلى مدينة جازان واحتفى به المواطنون احتفاء بهيجاً ثم تحرك ركب سموه إلى خط الحدود ليتولى قيادة الميدان وفي 11 محرم 1353ه أمر الملك عبدالعزيز بوقف الزحف بعد وصول القوات السعودية إلى الحديدة وبناء على طلب إمام اليمن جرت المفاوضات بين الدولتين بعقد معاهدة اخوية فكانت معاهدة الطائف المعروفة في 6 صفر 1353ه 21/5/1934م التي أنهت حالة الحرب بين البلدين ورسمت خط الحدود بينها وسلم الأدارسة للحكومة السعودية وبدأ الملك عبدالعزيز رحمه الله مواصلة البناء والتنمية. وفي عام 1376ه تولى الأمير تركي بن أحمد السديري حتى عام 1397ه إمارة المنطقة خلفاً للأمير سليمان بن جبرين، ثم خلفه ابنه الأمير محمد بن تركي السديري مكث أميراً لها إلى ان أُحيل عام 1421ه وخلفه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود بتاريخ 7/2/1422ه ومنذ تولي سموه الكريم إمارة منطقة جازان شهدت العديد من المشاريع التنموية والحيوية فأهالي جازان كلهم أمل في أميرهم المحبوب.